كفارة من ترك المبيت بمنى1393/12/19

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

كفارة من ترك المبيت بمنى1393/12/19

مسألة: 6- من ترك المبيت الواجب بمنى يجب عليه لكل ليلة شاة متعمدا كان أو جاهلا أو ناسيا، بل تجب الكفارة على الأشخاص المعدودين في المسألة الثالثة إلا الخامس منهم، والحكم في الثالث والرابع مبني على الاحتياط[1].

انتهى بنا الكلام من المحاضرة السابقة إلى دلالت الاخبار والروايات على وجوب الكفارة والتي وردت في الباب الأول من أبواب العود إلى منى وقد مر بعضها، وذكرنا أن قسماً منها يدل على وجوب الكفارة من حيث المجموع كما دل القسم الآخر على تعدد الكفارة بتعدد الليالي.

ومن تلك الروايات صحيحة صَفْوَانَ وَ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ لَا تَبِتْ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ إِلَّا بِمِنًى فَإِنْ بِتَّ فِي غَيْرِهَا فَعَلَيْكَ دَمٌ فَإِنْ خَرَجْتَ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَلَا يَنْتَصِفُ اللَّيْلُ إِلَّا وَ أَنْتَ فِي مِنًى إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَغَلَكَ نُسُكُكَ أَوْ قَدْ خَرَجْتَ مِنْ مَكَّةَ وَ إِنْ خَرَجْتَ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَلَا يَضُرُّكَ أَنْ تُصْبِحَ فِي غَيْرِهَا[2]

والمراد من وجوب البيتوتة هو خصوص الليلة الأولى والثانية، وأما الليلة الثالثة لا يجب فيها المبيت إلا لطوائف مر الحديث عنها. وإن كان المبيت فياه مستحباً.

ومنها: ما رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ صَفْوَانَ وَ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ مِثْلَهُ وَ زَادَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ زَارَ عِشَاءً فَلَمْ يَزَلْ فِي طَوَافِهِ وَ دُعَائِهِ وَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ كَانَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ[3]

وهذه الرواية تدل على تعدد الكفارة بتعدد الترك وذلك بقرينة انه قد ترك ليلة واحدة فوجبت عليه ولازمه لو انهب الكفارة تجب من حيث المجموع لما أوجب الكفارة لترك ليلة واحدة.

 

ومنها: حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ع قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ زَارَ الْبَيْتَ فَطَافَ‏ بِالْبَيْتِ وَ بِالصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ ثُمَّ رَجَعَ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فِي الطَّرِيقِ فَنَامَ حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ عَلَيْهِ شَاةٌ[4]

ولا يخلو السند من نقاش لأن على الوارد في السند مجهول ومشترك بين الثقة وغيره.

ومنها: مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ الْجَازِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ خَرَجَ مِنْ مِنًى يُرِيدُ الْبَيْتَ  قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَأَصْبَحَ بِمَكَّةَ قَالَ لَا يَصْلُحُ لَهُ حَتَّى يَتَصَدَّقَ بِهَا صَدَقَةً أَوْ يُهَرِيقَ دَماً فَإِنْ خَرَجَ مِنْ مِنًى بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْ‏ءٌ[5]

عبدالغفار الجازي مجهول الحال وان التخيير بين التصدق والدم لم يرد في خبر سوى هذه الرواية وعليه لا يمكن القول بالتخيير لا سيما مع ضعف السند ولكن قد عمل الأصحاب بها في غير مورد التخيير.

ومنها: صحيحة مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ مَنْ زَارَ فَنَامَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ بَاتَ بِمَكَّةَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَ إِنْ كَانَ قَدْ خَرَجَ مِنْهَا  فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ وَ إِنْ أَصْبَحَ دُونَ مِنًى[6]

ودلت على انه لا يجب الدم على من بات في الطريق بعد ما خرج من مكة ولكن لم يفت بمضمونها الأصحاب.

ومنها: رواية قرب الاسناد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ بَاتَ بِمَكَّةَ حَتَّى أَصْبَحَ فِي لَيَالِي مِنًى فَقَالَ إِنْ كَانَ أَتَاهَا نَهَاراً فَبَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ فَعَلَيْهِ دَمُ شَاةٍ يُهَرِيقُهُ...[7]

دراسة في هذه الروايات:

ذكرنا طائفتان من الروايات الطائفة الأولى ما دلت علىان الكفارة لاتجب إلا من حيث المجموع وإذا ترك ليلة واحدة فلا تجب عليه الكفارة والطائفة الثانية ما دلت على أن لترك كل ليلة كفارة وتتعدد الكفارة بتعدد الليالي.

ولكن مما يساعدنا على وجوب تعدد الكفارة جملة من القرائن الواردة في الأخبار السابقة وناتى بها تباعاً:

القرينة الأولى: رواية مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ نَاجِيَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَمَّنْ بَاتَ لَيَالِيَ مِنًى بِمَكَّةَ فَقَالَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْغَنَمِ يَذْبَحُهُنَّ[8].... ولم نستند بها لضعف سندها من جهة جعفر بن ناجية. ولذا ذكرناها من باب المويد لا الدليل.

القرينة الثانية: ما ورد في صحيحة معاوية بن عمار[9] التي ورد فيها انه حتى لو ترك ليلة واحدة تجب عليه الكفارة.

القرينة الثالثة: ما ورد في الرواية الثامنة[10] من... إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَغَلَكَ نُسُكُكَ... الظاهر في وجوب الكفارة لترك كل ليلة فلا يشترط ترك الجميع حتى تجب الكفارة.

القرينة الرابعة: ما ورد في صحيحة صفوان حيث يسئل الرواي الإمام عليه السّلام عما لو كان مشتغلا بالعبادةفي مكة فهل يجب عليه الكفارة فقال الإمام بعدم الكفارة والذي يفهم من السؤال والجواب أن وجوب الكفارة لكل ليلة كان مفروغاً عنه عند السائل وإلا لما سئل عنه فيخصوص من كان مشتغلا بالعبادة.

القرينة الخامسة: فهم المشهور من المؤيدات لاسيما مع اعتضاده بدعوىا لاجماع من جماعة.

وعلى هذا الاساس مادل من الأخبار السابقة على وجوب الكفارة منحيث المجموع يحمل على أن المراد من الدم فيها الجنس الدال على الفرد والجمع لاسيما انه لم يعلم له من قائل بين الفقهاء وما ظهر من بعض العبارات في ذلك وجه بوجوه عديدة[11].

وأما الأخبار المعارضة فهي روايتان:

الأولى: صحيحة سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ صَفْوَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَاتَتْنِي لَيْلَةُ الْمَبِيتِ بِمِنًى مِنْ شُغُلٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ[13]

الثانية: عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِذَا زَارَ الْحَاجُّ مِنْ مِنًى فَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَجَاوَزَ بُيُوتَ مَكَّةَ فَنَامَ ثُمَّ أَصْبَحَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ مِنًى فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ[14]

ويمكن الجمع بينها وبين ما سبق بأن مورد هذه الأخيرة هو ما إذا خرج من بطن مكة ولم يتعدى حدودها. وإلا فلا يمكن مقاومتها مع الاخبار السابقة لا من حيث الشهرة الروائية ولا الشهرة الفتوايية. هذا.

الهوامش:

[1] تحریر الوسیلة، الامام الخمینی، ج1، ص455.
[2] وسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج14، ص254، ابواب العود الی منی، الباب1، الرقم 19125، ح8، ط آل البیت.
[3] وسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج14، ص254، ابواب العود الی منی، الباب1، الرقم 19126، ح9، ط آل البیت.
[4] وسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج14، ص254، ابواب العود الی منی، الباب1، شماره19127، ح10، ط آل البیت.
[5] وسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج14، ص256، ابواب العود الی منی، الباب1، الرقم 19131، ح14، ط آل البیت.
[6] وسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج14، ص256، ابواب العود الی منی، الباب1، الرقم 19133، ح16، ط آل البیت.
[7] وسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج14، ص258، ابواب العود الی منی، الباب1، الرقم 19140، ح23، ط آل البیت.
[8] وسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج14، ص253، ابواب العود الی منی، الباب1، الرقم 19123، ح6، ط آل البیت.
[9] وسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج14، ص254، ابواب العود الی منی، الباب1، الرقم 19126، ح9، ط آل البیت.
[10] وسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج14، ص254، ابواب العود الی منی، الباب1، الرقم 19125، ح8، ط آل البیت.
[11] وسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج14، ص252، ابواب العود الی منی، الباب1، الرقم 19122، ح5، ط آل البیت.
[12] کشف اللثام، المحقق الاصفهانی، ج6، ص238، ط جامعة المدرسین.
[13] وسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج14، ص255، ابواب العود الی منی، الباب1، الرقم 19129، ح12، ط آل البیت.
[14] وسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج14، ص257، ابواب العود الی منی، الباب1، الرقم19134، ح17، ط آل البیت.

تاريخ النشر: « 1394/01/16 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 15623