287-المصاهرة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

287-المصاهرة

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وآله الطاهرین.

إذا عُلم بالزنا وشُک فی کونه سابقاً على العقد

یقول الإمام الخمینی ـ قدّس سرّه ـ: (مسألة 7: إذا علم بالزنا وشک فی کونه سابقاً على العقد أو طارئاً بنى على صحته).

کما قلنا سابقاً البحث فی هذه المسألة متفرع عن المسألة الخامسة، حیث إنّه إذا ثبت أنّ الزنا السابق على العقد یوجب التحریم کالنکاح (وعندنا مکروه) فإذا شک فی سبق الزنا على العقد لکی یکون محرماً أو لحوقه له لکی لا یؤثر شیئاً فما هو الحکم؟ أفتى الإمام الخمینی ـ قدّس سرّه ـ بلزوم البناء على الصحة، أی یحکم بصحة العقد فی تمام صور المسألة.

وقد تعرّض السید الیزدی ـ قدّس سرّه ـ لهذا البحث فی المسألة (31) من مسائل فصل فی المحرمات بالمصاهرة.

سؤال: لماذا تجری هنا أصالة الصحة مع أنّ القاعدة الأصلیة عند الشک فی العقود هی البطلان؟

والجواب: الحکم بالصحة هنا مستند إلى قاعدة (کلّ شیء لک حلال)، حیث نشک فی حلیة هذه المرأة أو حرمتها فتجری أصالة الحلیة.

إن قلتَ: لماذا تجری قاعدة الحلیة ولا تجری أصالة الفساد فی العقود والتی تستند إلى الاستصحاب؟

قلنا: إنّ أصالة الحلیة هنا أصل موضوعی وأصالة الفساد أصل حکمی ینقّح حکم العقد الذی یُشک فی صحته وفساده، وهذا الأصل الحکمی مسبب عن شک فی الموضوع، حیث یُشک فی أنّ هذه المرأة حرام أو حلال، والأصل الموضوعی مقدّم على الأصل الحکمی، فإذا کان یمکن إجراء الأصل السببی لا تصل النوبة إلى الأصل المسببی.

طبعاً إجراء أصالة الحلیة على هذه المرأة ورد فی روایة مسعدة بن صدقة أیضاً، حیث لم یُجرِ الإمام ـ علیه السلام ـ أصالة الفساد، بل أجرى أصالة الحلیة فی الموضوع، وقال: (کل شیء لک حلال).

تفصیل السید الحکیم ـ قدّس سرّه ـ والمناقشة فیه

فصّل بعض الأعلام فی المسألة منهم السید الحکیم قدّس سرّه(1) فطبق على المقام الأقسام الثلاثة المعروفة فی مسألة الحادثین والمقولة فی سائر الموارد، حیث إنّه قد وقع حادثان هنا: العقد والزنا، ولا نعرف أیهما هو المقدّم، فالمتصوّر ثلاثة أقسام:

القسم الأوّل: أن یکون تاریخ العقد معلوماً وتاریخ الزنا مجهولاً، وذکر ـ قدّس سرّه ـ فیه بأن أصالة عدم الزنا إلى حین العقد تقتضی الحلیة، بمعنى أننا نستصحب عدم وقوع الزنا قبل العقد، وهذا یکفینا للحکم بالحلیّة ولا شغل لنا فی أنّه متى وقع بعد ذلک.

القسم الثانی: أن یکون تاریخ الزنا معلوماً وتاریخ العقد مجهولاً، فإن کان العقد هو السابق فإنّ الزنا لا یکون محرماً حینئذٍ، بخلاف ما إذا کان لاحقاً.

وذکر ـ قدّس سرّه ـ فیه بأننا نجری الاستصحاب ونثبت الحرمة؛ وذلک لأنّ موضوع الحکم ـ بحسب المستفاد من الأدلة ـ مرکب من جزأین، وجودی وعدمی، الوجودی أن یکون هناک زنا، والعدمی ألاّ یکون العقد سابقاً علیه، فإذا تمّ هذان الجزآن فإنّه یحکم بالتحریم حینئذٍ، والجزء الأول حاصل بالوجدان بحسب الفرض، والثانی نثبته بالاستصحاب، على ما حقّق القول فیه فی الأُصول.

أقول: هل الموضوع هنا مرکب أو بسیط؟ إذا کان أمراً بسیطاً فإنه لا یکون هناک جزآن لکی یثبت أحدهما بالوجدان والآخر بالاستصحاب، والسبق واللحوق أمر بسیط، غایته أن هذا العنوان البسیط ینتزع من الرابطة بین شیئین. وإذا أردتم إثبات جزء بالوجدان والجزء الآخر بالأصل والقول حینئذٍ بأن المرکب قد حصل ثم تنتزعون منه العنوان البسیط (السبق أو اللحوق) فإنّ هذا من الأصل المثبت، ولا یمکنکم إثبات الحرمة به، ولذا علیکم أن تحکموا بالحلیّة، کما فعل الإمام ـ قدّس سرّه ـ وصاحب (العروة) والمحشّین علیها.

القسم الثالث: أن یکون کلا التاریخین مجهولاً، وحکم ـ قدّس سرّه ـ فیه بالحرمة أیضاً، لأصالة الفساد فی العقود، حیث إنّه کلّما شکّ فی صحة عقد فإنّ الأصل فیه الفساد إلاّ أن یکون هناک عمومات تدل على الحلیّة، وعمومات (أوْفُوا بِالعُقُودِ)(2) لا تشمل المقام؛ لأنّه شبهة موضوعیة، ولا یمکن التمسک بالعام إلاّ فی الشبهات الحکمیة دون الموضوعیة. والشبهة فی محل الکلام موضوعیة؛ لإننا لا نعلم بأنّ العقد سابق أو لاحق، ولا نشک فی الحکم؛ لأنّ الشارع یقول: أوفوا بالعقود إلاّ العقد الذی سبقه الزنا، إذن فالحکم هنا أیضاً هو الحرمة.

أقول: المقام لیس محلاً لأصالة الفساد؛ وذلک لأنّه یجری قبلها أصل موضوعی هو أصالة الحلیّة؛ لأنّ الشک فی الصحة والفساد مُسبّب عن الشک فی حلیّة وحرمة هذه المرأة، فتجری أصالة الحلیة وینتفی بذلک موضوع أصالة الفساد.

وصلّى الله على سیدنا محمد وآله الطاهرین.

_____________________

(1) المستمسک 14: 222.

(2) المائدة: 1.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 2187