312-من فجر بغلام حرمت علیه أُمّه وأخته وبنته

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

312-من فجر بغلام حرمت علیه أُمّه وأخته وبنته

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وآله الطاهرین.

الفرع الأوّل: وقد أشار إلیه الإمام الخمینی ـ قدّس سرّه ـ ولم یؤکّد علیه، وذلک حینما قال: (من لاط بغلام).

وفی کلمات بعض اللغویین أنَّ الغلام یطلق على الکبیر أیضاً وإن کان بشکل مجازی، فهل کون المفعول به صغیراً أو لا؟

صرّح جماعة من الفقهاء بأنّه لا فرق بین الصغیر والکبیر فی ذلک، وحصر آخرون عنوان المسألة بالغلام ولم یصرّحوا بالرجل؛ ولذا أشکل بعض الأعاظم فی المسألة، مثل صاحب (الجواهر) حیث قال بأنَّ عدم الفرق فی الموطوء بین الغلام والرجل (لا یخلو من إشکال إن لم یتمّ الإجماع المزبور بعد حرمة القیاس)(1).

أقول: لیست المسألة إجماعیة؛ لأنّ کثیرین جعلوا عنوان المسألة (الغلام)، وبعضهم جعلوه کلاًّ من الغلام والرجل، فهذا المحقّق ـ قدّس سرّه ـ یعبّر فی (الشرائع) بـ : (الغلام) فقط، وهکذا الإمام ـ قدّس سرّه ـ فی (تحریر الوسیلة). ومع اختلاف تعبیرات الأصحاب لا یمکن ادّعاء الإجماع على عدم الفرق.

إن قلت: العرف یلغی الخصوصیة ویقول بأنَّ هذا العمل شنیع ودنیء مطلقاً، والشارع المقدّس جعل جزاءه تحریم أم الموطوء وأخته وبنته.

قلنا: لابدّ أن یکون إلغاء الخصوصیة عرفاً قطعی، فهل نقطع بذلک واقعاً هنا؟

لعلّ الشارع المقدّس خصّ الحکم بالغلام لکونه مورداً لطمع الفاسقین، ومعه لا یخلو تعمیم الحکم للرجل من إشکال، کما قال صاحب (الجواهر).

إن قلت: هناک قرینة على التعمیم فی الروایات، وهی تحریم البنت، ببیان أنّه إنّما یمکن أن یکون عنده بنت حتّى تحرم على الفاعل فیما إذا کان کبیراً.

قلنا: لا تشترط الفعلیّة فی مثل هذه الموارد، فلو لم یکن عنده أُخت فعلاً، وأصبحت لدیه بعد عشر سنوات مثلاً، فلا شکّ فی شمول الحرمة لها، فیحرم على الفاعل الزواج منها.

إذن کما أنَّ الفعلیة لیست شرطاً فی الأخت فکذلک فی البنت، ولو اشترطنا الفعلیة لانحصرت المسألة بکبیر السنّ، وهذا ما لم یقل به أحد.

الفرع الثانی: هل یختصّ هذا الحکم بما إذا کان الفاعل کبیراً، أو یشمل صورة ما إذا کان الفاعل صغیراً أیضاً؟ وما هو الحکم لو کانا کلاهما (الواطئ والموطوء) صغیرین؟

ظاهر کلام بعض الأصحاب التعمیم هنا أیضاً. وأشکل بعض الأعاظم فی ذلک أیضاً، من جملتهم صاحب (الجواهر) ـ قدّس سرّه ـ وقال بأنّه لا دلیل لدینا على التعمیم؛ لأنَّ تمام الروایات الخمس فی المسألة تعبّر عن الواطئ بـ (الرجل) وعن الموطوء بـ: (الغلام).

وعلى ذلک فإمّا یستند فی التعمیم إلى الإجماع، وهو غیر موجود؛ لتعبیر الکثیرین بـ: (الرجل) دون (من أوقب) مثلاً. وإمّا تلغى الخصوصیة فی کلمة (رجل)، وذلک غیر ممکن بشکل قطعی.

إن قلت: لا فرق فی الأحکام الوضعیة بین البالغ وغیر البالغ، ولذا حکموا بوجوب الغسل علیه بعد البلوغ.

قلنا: نحن لا نرید أن نقول: بما أنَّه صبی فلا تشمله الأحکام الوضعیة، ولکنّنا نقول: إنَّ لسان الدلیل قاصرٌ عن الشمول له، لا أنّه إذا وجد الدلیل فالصبی غیر البالغ لیس قابلاً لشمول الأحکام الوضعیة.

طریقان للحلّ

یأتینا أشخاص یقولون: نحن لم نکن نعلم بالحرمة وتزوّجنا والآن عندنا عائلة وأولاد، فهل من حلّ؟

هناک طریقان للحلّ:

الأوّل: نسأل منهم: هل عندکم یقین بأنکم کنتم بالغین حین العمل؟ فإن کانوا یشکّون فی ذلک انحلّت المشکلة.

الثانی: نسأل منهم: هل عندکم یقین بحصول الدخول؟ ومع الشک تجری أصالة الحلیّة.

إذن لابدّ عندنا من الیقین بالدخول وبلوغ الواطئ حین العمل.

طبعاً نحن إنّما نعتمد هذین الطریقین بعد الزواج وتشکیل العائلة، وأمّا قبل ذلک فجوابنا هو أنّه مع عدم الیقین بالدخول وبلوغ الواطئ فالأفضل ترک الزواج، وأمّا معهما وکون الافتراق صعباً وفیه مشاکل فیمکنهما العیش معاً کرجل وامرأة لا یحلاّن على بعضهما، وإلاّ فلیفترقا بحجة من الحجج کعدم الانسجام مثلاً حفظاً لماء الوجه.

الفرع الثالث: فی أنَّه هل الإیقاب ولو ببعض الحشفة ـ بحسب تعبیر الإمام قدّس سرّه ـ وتعبیر (العروة) ـ موجبٌ للحرمة أیضاً أولا؟

صرّح جماعة بالحرمة، مثل الإمام ـ قدّس سرّه ـ وصاحب (العروة) ومَن علّق على (العروة). وقال آخرون بأنّه لا دلیل على الحرمة بذلک؛ لعدم صدق الإیقاب والثقب، ولا أقلّ من الشکّ، ومعه فالأصل الحلیّة.

الفرع الرابع: فی أنَّه هل یشمل هذا الحکم الجدّات والحفیدات أیضاً أو یختصّ بالأُمهات والبنات؟

هناک خلاف بین الأعلام فی ذلک، فقد حکم العلاّمة ـ قدّس سرّه ـ فی (القواعد)(2) وابن إدریس فی (السرائر)(3) فیه بالتعمیم، بل ادّعى بعضهم علیه الإجماع.

وفی المقابل أشکل فیه فی (کشف اللثام)(4). وقد بیّن السیّد الحکیم ـ قدّس سرّه ـ هذا الاختلاف فی (المستمسک)(5).

الأدلة:

وقد استدل القائلون بالتعمیم على ذلک بأمور:

الأوّل: الإجماع.

الثانی: شمول الاسم، وصدق الأم على أمّ الأمّ، والبنت على بنت البنت.

الثالث: قیاس المسألة على المحرّمات النسبیّة حیث لم یذکر فی أدلّتها الجدّات والحفیدات ومع ذلک حکموا بالتعمیم لهنَّ، فکذلک المقام.

ویمکن أن یجاب على تمام هذه الأدلّة:

أمّا الأوّل: فبأنّه لیس هناک إجماع على ذلک قطعاً؛ لعدم تعرّض الکثیرین له.

وأمّا الثانی: فالإنصاف أنَّ الاسم لا یشملهما إلاّ مع قرینة، ولکلٍ اسم خاصّ، فهناک الأُمّ، والجدّة للأب، والجدّة للأُمّ، والبنت، وبنت البنت، وهکذا. ولذا إذا أوصى شخص بوصیّة لأولاده فإنّها لا تشمل الأحفاد.

وأمّا الثالث: فبأنَّ هذا القیاس ظنّی ولیس بحجة؛ لأنَّ التعمیم فی النسبیّات مسلّم صعوداً ونزولاً، وأمّا هنا فسرایة الحرمة محلّ إشکال، فالحرمة لیست مسلّمة.

وعلى هذا لا یمکننا قبول التعمیم فی هذه المسألة.

وصلّى الله على سیّدنا محمّد وآله الطاهرین.

___________________

(1) الجواهر 29: 447.

(2) القواعد 3: 32.

(3) السرائر 2: 525.

(4) کشف اللثام 7: 188.

(5) المستمسک 14: 161.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 9376