305-المصاهرة

موقع سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي(دام ظله).

صفحه کاربران ویژه - خروج
الترتيب على أساس
 

305-المصاهرة

بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وآله الطاهرین.

حکم الجمع بین الفاطمیتین

یقول الإمام الخمینی ـ قدّس سرّه ـ: (مسألة 20: ذهب بعض الأخباریین إلى حرمة الجمع بین الفاطمیتین فی النکاح، والحقّ جوازه وإن کان الترک أحوط وأولى).

الأقوال

قال فی (الحدائق): (هذه المسألة لم یحدث فیها الکلام إلاّ فی هذه الأعصار الأخیرة، وإلاّ فکلام المتقدّمین من أصحابنا ـ رضوان الله علیهم ـ والمتأخّرین خالٍ من ذکرها والتعرّض لها، وقد اختلف فیها الکلام وکثر فیها النقض والإبرام بین علماء عصرنا ومن تقدّمه قلیلاً، فما بین من جزم بالتحریم، ومن جزم بالحلّ، ومن توقّف فی ذلک)(1).

هذا، ولا یوجد فی زماننا من أفتى بالحرمة، ولعلّه یوجد بعض من أفتى بالکراهة.

وقال فی (الجواهر): (جزم المحدّث البحرانی ـ یعنی صاحب (الحدائق) ـ بحرمة ذلک، وعمل فیها رسالة أکثر فیها التسجیع والتشنیع، وذکر فیها أنّه قد عرضها على بعض معاصریه من العلماء المشارکین له فی اختلال الطریقة ووافقه على ذلک ... ومن هنا عدّ ذلک بعض الناس من البدع)(2).

الأدلة

1 ـ لا شک فی أنّ مقتضى القاعدة المستفادة من قوله تعالى: (وأُحِلَّ لَکُم مَّا وَرَاءَ ذَلِکُمْ)(3) هو الحلیّة.

2 ـ وأمّا الروایات فهناک روایة واحدة ـ لها سندان أحدهما معتبر ـ استند إلیها القائلون بالحرمة، وهی:

محمد بن الحسن ـ الطوسی ـ بإسناده، عن علی بن الحسن، عن السندی بن الربیع، عن محمد بن أبی عمیر، عن رجل من أصحابنا، قال: سمعته یقول: ((لا یحلّ لأحد أن یجمع بین ثنتین من ولد فاطمة علیها السلام، إنّ ذلک یبلغها فیشقّ علیها))، قلت: یبلغها؟ قال: ((أی والله))(4).

أمّا سندها فهی علاوة على کونها مرسلة ومضمرة فی سندها عدّة ممّن فیهم کلام.

هذا، ولکن لها سندٌ آخر معتبر ذکره فی (الوسائل)، هو: محمد بن علی بن الحسین فی کتاب (العلل): عن محمد بن علی ماجیلویه، عن محمد بن یحیى، عن أحمد بن محمد، عن أبیه، عن ابن أبی عمیر، عن أبان بن عثمان، عن حمّاد قال: سمعت أبا عبد الله علیه السلام....

ولابدّ من الإشارة هنا إلى أنّ الشیخ الحرّ ـ قدّس سرّه ـ عنون الباب الذی ذکر فیه هذه الروایة بعنوان: (باب حکم الجمع بین ثنتین من ولد فاطمة علیها السلام)، لا عنوان (باب حرمة الجمع...) أو (باب کراهة الجمع...)، وذلک على خلاف طریقته حینما یختار شیئاً، کما فی الباب الذی قبل هذا الباب مباشرة، حیث عنونه بـ: (باب کراهة نکاح القابلة...)، وهذا لعلّه یدلّ على توقّفه فی المسألة، وإن کان قد نسب إلیه فی (الحدائق) الجزم بالتحریم(5).

وأمّا دلالتها فإنّ التعلیل المذکور فی ذیلها (وأنّ ذلک یشقّ على الزهراء علیها السلام) یمنع من ظهور قوله: ((لا یحلّ)) فی صدرها فی الحرمة، ویصرفه إلى الکراهة.

هذه مشکلة فی الروایة.

والمشکلة الثانیة فیها هی إعراض الأصحاب عنها، فهی مرویة فی کتاب (علل الشرائع) للصدوق رحمه الله، وفی کتاب (التهذیب) للشیخ رحمه الله، إذن کانت فی مرأى الأصحاب وفی متناول أیدیهم، فلماذا أعرضوا عن العمل بها والإفتاء بمضمونها؟ إنّ هذا الإعراض موجب لسقوطها عن الحجیّة.

أضف إلى ذلک أنّ هذه المسألة کانت محلاً للابتلاء فی عصر المعصومین علیهم السلام، خصوصاً بین العلویین وأقرباء المعصومین علیهم السلام، والظاهر أنّ العلویین والهاشمیین کانوا مقیّدین غالباً بالزواج من بعضهم البعض، وتعدّد الزوجات کان أمراً شائعاً وطبیعیاً آنذاک. إذن فالمسألة کانت محلاً للابتلاء، ومعه کیف لا نرى أحداً من الأئمة ـ علیهم السلام ـ ینبّه على هذه الحرمة لو کانت؟ لو کان لبان.

بقی هنا أمور

الأمر الأول: وقع خلافٌ بین الإخباریین القائلین بالحرمة هنا فی أنّ هذه الحرمة هل هی حرمة تکلیفیة فیأثم صاحبها فقط ویکون العقد صحیحاً، أو أنّها حرمة وضعیة أیضاً بحیث یکون العقد باطلاً؟

ونحن لا نقول بالحرمة، ولکن على فرضها فلیست هی إلاّ حرمة تکلیفیة؛ وذلک لأنّ الشارع المقدّس لم یجعل هذه المسألة شرطاً من شروط النکاح.

الأمر الثانی: لا یفرّق على القول بالحرمة بین أن یکون الزوج علویاً هاشمیاً أیضاً أو لا یکون؛ وذلک لإطلاق الروایة. وأمّا أنّ ذلک یشقّ على الزهراء ـ علیها السلام ـ فالمقصود منه مراعاة حال الزوجتین ورفع الأذیة عنهما.

وهکذا فإنّ هذا التعلیل یشمل أیضاً ما لو تزوّج غیر فاطمیة على فاطمیة، فإنّ ذلک ممّا یشق علیها علیها السلام.

الأمر الثالث: فی أنّه ما هو المقصود من الفاطمیّة، هل هی من کان أبواها فاطمیین، أو یکفی أن یکون أحد أبویها ـ ولو الأم وإن علت ـ کذلک؟

ذهب إلى الثانی بعض الإخباریین؛ وعلّق علیه فی (الجواهر) بأنّ کثیراً من الناس لا یخلون عن ذلک، فلابدّ أن یکون الکثیرون قد ارتکبوا حراماً.

وهذا یؤیّد کون المسألة عامّة البلوى على فرض القول بالحرمة، فلا یناسبها روایة واحدة أعرض الأصحاب عنها.

وصلّى الله على سیدنا محمد وآله الطاهرین.

______________________

(1) الحدائق 23: 542.

(2) الجواهر 29: 392.

(3) النساء: 24.

(4) الوسائل 20: 503، أبواب ما یحرم بالمصاهرة، الباب 40، ح1.

(4) الحدائق 23: 543.

الهوامش:
  
    
تاريخ النشر: « 1279/01/01 »
CommentList
*النص
*المفتاح الأمني http://makarem.ir
عدد المتصفحين : 2578